مقدمة
لقد أثير الجدل مؤخرا حول عدم الزواج من المرأة الموظفة، وسط تباين للآراء، في حين أنه حصل نقاش جد حاد يطال مؤسسة الزواج؛ فقد طفت مؤخرا، دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى مقاطعة الارتباط بالزوجة الموظفة وتفضيل ربة البيت لما تلعبه هذه الأخيرة من دور محوري في تربية الأبناء والاعتناء بجميع أعباء المنزل.
لذا فما هو الأنسب للرجل هل الزواج بموظفة أم ربة بيت؟
حدثني عن الأبناء وحدثني عن أم تخلت ومربية تبنت
الأبناء والفراغ الأمومي العاطفي
إن بقاء المرأة خارج المنزل لساعات طويلة بحكم العمل يجعل الأبناء يشعرون بعدم الأمان لعدم تواجد الأم بالمنزل، ومكانة الأم لا يمكن للرجل أو المربية ملئها. أبناء محرومون من حنان الأم وعناقها وطمأنتها المستمرة يعطينا جيلا مفتقرا للتوازن العاطفي ومهزوزا أمام مطبات الحياة.
كما أن هذا يجعل المرأة أقل متابعة لمستواهم الدراسي، فبغض النظر عما تفعله المرأة العاملة ومهما كان مقدار المساعدة التي يقدمها زوجها، فإنها لن تكون قادرة على الموازنة بين متطلبات العمل والمنزل.
الأبناء والفراغ الأخلاقي
كما أن بعد المرأة العاملة عن الأسرة بشكل عام وأطفالها بشكل خاص وإيلائها اهتماما متزايدا بعملها قد يجرها إلى إهمال تربية أبنائها تربية أخلاقية خاصة في سن المراهقة، وتركهم عرضة للإنترنت والفضائيات التي صارت تؤدي مهام خطيرة في برمجة الكبار فضلا عن المراهقين والصغار، إضافة لذلك فإن جو الحرية غير المنضبطة التي ترى الكثير من الموظفات أنهن مسؤولات عن القيام بتوفيره للأبناء قد يؤدي بهؤلاء إلى هاوية استعمال المخدرات وحتى الدعارة خاصة وأن “مال الجيب ” متوفر بما يكفي لقضاء المآرب كيفما كانت.
أبنائي أولى من أبناء الناس
كما أن هناك أيضا دراسات حديثة وجد فيها أن الرجل يُفضل المرأة غير العاملة، ويميل للارتباط بها، مهما كانت ثقافته أو جنسيته. فتبعا لما صرح به رجل من عدة رجال أخرين أنه توجد هناك الكثير من المبررات التي تجعله يرفض أن يتزوج امرأة عاملة، حيث يقول:
“لن أتزوج امرأة تخرج على السابعة صباحا وتعود للمنزل الخامسة مساء منهكة، لن أتزوج عاملة تأخذ أولادي للمربية أو للجيران أو تتركهم لأمي وتذهب هي لخدمة أبناء الناس، فتربية أولادها أولى من تربية الغير، فأنا أتزوج لإراحة أمي وعلى زوجتي أن تربي أولادي كما ربتني أمي”
حقوق الزوج: ضياع في ضياع
غلطة ندمان عليها..
” لا أشعر كوني رجل متزوج يأمر زوجته فتلبي الدعوة إلا عندما أذهب إلى المطعم الذي تشتغل فيه زوجتي، فأجلس على طاولة المطعم وأبدأ بطلب الطعام وأنادي عليها كي تخدمني، أنداك أشعر أنني زوج حقيقي …”
هكذا علق أحد المتزوجين من الموظفة مازحا مع زملائه. لكنه تعليق يخفي في طياته العديد من التفاصيل حول هذا الموضوع، وأردف قائلا:
“لو كانت إمكانية الرجوع للوراء لأصحح أمرا خاطئا نادما عليه، سيكون رفضي الزواج من المرأة العاملة، إنه حقا أمرا مضني وصعب ومجرد التفكير فيه يجعلني اشعر بالقشعريرة ويذكرني كلما نسيت ما يتبعني من أشغال فور عودتي للبيت.”
اتكل على الله واشتغل طباخة
وهكذا عندما تعود المرأة العاملة للبيت سيكون هاجسها الراحة دون التفكير في النقاش أو الاهتمام بزوجها وتبادل الكلام الجميل في جو يسوده الهدوء والسعادة.
كما لن تجد الطاقة لمواكبة دراسة وأحوال الأولاد، وفي هذا الصدد وعن عدم سواد السعادة بين الزوج والزوجة الموظفة قال أحد مؤيدي فكرة رفض الزواج من العاملة:
” كنت وزوجتي سعداء لعشرين سنة ثم اشتغلت فأصبحت أمي هي من تطبخ لنا وتربي الأبناء “.
وهكذا فالمرأة العاملة التي يخلو مطبخها إلا من البيض الذي يقليه الزوج والقطع المتبقية من الجبن وحبيبات الزيتون، تصبح عبئا على المشروع الأسري.
تعب كلها ظروف العمل فَما أعـجب إلاّ من راغبة في ازديادِ
المكان الطبيعي للمرأة: “وقرن في بيتوكن”
كثير من الرجال ايضا يرفضون الزواج من الموظفة، بدافع أن مكان المرأة الطبيعي هو البيت والتكفل بالأبناء والقيام بالواجبات المنزلية والاهتمام بزوجها حين عودته إلى المنزل. وأصحاب هذا الطرح يرفضون رفضا تاما عمل المرأة، وعلى لسان أحمد احد الرافضين لهذه الفكرة، وبمجرد طرح السؤال عليه وقبل أن أكمل فحواه، رمقت عيناه محملقتين ووجنتيه بارزتين إلى الأعلى وكأنما سمع سبا وشتما فيه:
” لا يمكنني أن اتزوج من موظفة وأرفض رفضا تاما، ورفضي هذا نابع من عدة مواقف صادفتني في حياتي ورأيتها على أرض الواقع ولعل أخرها لما ذهبت إلى أحد الإدارات للقيام بمهمة هناك، أثار انتباهي إمراة تعمل من داخل الشباك تسلم وثائق معينة. فإنهال عليها أحد المرتفقين بالكلام الحاد، قد يرفضه الحاضرون فما بالك بزوجها، تساءلت في نفسي وتخيلت نفسي بدل زوجها وأنا أشاهد زوجتي عرضة للتعامل الغض، وقد رُسِم على ووجها الحزن وبدأت تتصبب عرقاً وجلست متسمرة في الكرسي تحملق من داخل الشباك وعلى وجهها غمازة لا تستحق الحزن. حينها تأكدت أنني لن ولن أقبل أن اتزوج من إمرأة عاملة..”
منطق ولا مش منطق يا متعلمين..
وأثناء استطلاعاتنا حول موضوع الزواج من المرأة العاملة والتضارب بين معارض ومؤيد هناك فئة أقل حدة من سابقتها بحيث ترفض فكرة الزواج من الموظفة بعيدا عن التفكير الذكوري وإنما من باب المنطق وباب التعاطف والرفق بالزوجة. فكيف للجنس اللطيف أن يشتغل لثمان ساعات، وتمضي وقتا أخر في الشطف والطبخ والغسل! وخصوصا وأن الجنس الأنثوي أقل قدرة من الذكور. فعبء العمل اليومي مضني جدا ومتعب بنسبة لرجال فما بالك إمراة قدرتها على التحمل أقل من الرجال، فلهاذا هؤلاء الفئة يرفضون الزواج من الموظفة ومن هو متزوج يرفض اشتغال زوجته رأفة بها وليس تشددا منه.
الأنوثة راحت في خبر كان
لقد لوحظ أن المرأة العاملة تصدأ وتتآكل أنوثتها ودلالها وسط مسئولياتها المتعددة الثقيلة.. وبقدرة قادر يتحول رنين صوتها الرهيف الناعم الهادئ إلى حشرجة، بعد أن يخشن وتبح حنجرتها من أثر تعاملها اليومي مع عالم الذكورة، وتصيبها موجة من النعاس والنوم وهي واقفة أو مكورة فى وسائل المواصلات، وتتعلم البكاء المستمر بين يد المديرين ليمنحوها ساعة إجازة يومياً لإرضاع طفلها أو شراء الخضروات من السوق.. وبعد يوم شاقٍ تتعرض فيه لكافة أساليب الإرهاب والتعب، تعود لبيتها منهكة.. كل قواها قد همدت وانتابتها حالة من الصداع المزمن، ومن ثم تتحول بقدرة قادر إلى أم قاسية جامدة مستبدة.
زملاء العمل وما أدراك ما زملاء العمل
الرجال لا يأمنون مكر الرجال لأنهم على نفس الطبيعة
من الصعب على معظم الرجال أن يتخيل زوجته يتقرب منها زملاء العمل وتُصبّح بالخير على حارس السيارات وتتقاسم أريكة الراحة مع زملائها في العمل ويتبادلان أطراف الحديث من ضحك ونقاش … يقول أحدهم :
“لن أتزوج امرأة عاملة تخرج متعطرة ومتجملة تبتسم للمدير وتصبح بالخير على الحارس وتجتمع بالأستاذ أو يتصل بها زميلها في العمل يسألها عن فرض الغد أو عن امتحان نهاية الفصل، وبالنسبة لي فلا يمكن لتربيتي وغيرتي أن تقبل هذا، ولن أتزوجها عاملة تأكل في “البتزيريا” بجانب الرجال أو أشتري لها العشاء من المطعم لأنها مشغولة بتصحيح أوراق الاختبار أو تحضر درس الغد، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن أعتمد على أمي في تحضير ما تطلبه معدتي، ولن تتغير نظرتي للمرأة العاملة ولو كانت تعمل في جوف الكعبة، فأنا رجل وأعرف مكر الرجال جيدا.”
نصيحة ريدبيلية
لذا اسمع مني أيها الرجل، هذه نصيحة خاصة لك “تزوج امرأة جميلة أو قبيحة، قصيرة أو طويلة، شقراء أو سمراء، لكن بحق السماء، لا تتزوج موظفة، لأنك سوف تعاني في خفاء”.
باختصار فإنّ المرأة الموظفة فاشلة وعاجزة في أن تكون زوجة وأمّاً صالحة في المجتمع، بسبب انشغالها بعملها على حساب مسؤوليتها أمام أسرتها وتربية أولادها، وكذا اختلاطها برجال غرباء، وهو ما ينافي تعاليم ديننا الإسلامي، قال تعالى: {وقرن في بيوتكن}. لذا فالأصل في المرأة أن تبقى في بيتها، فعملها يكمن في رعاية بيتها؛ وإسعاد زوجها، وتربية أبنائها تربية حسنة وتكوين أسرة سعيدة، قائمة على السكون والمودة والرحمة.
خلاصة الكلام
إذا كانت مدونة الأسرة والشريعة الإسلامية قد أفردتا حيزا مهما للزواج بوصفه ميثاق ترابط وتراض بين الرجل والمرأة غايته الإحصان والعفاف وإنشاء أسرة مستقرة برعاية الزوجين، فإن هذه الرعاية تستدعي جلوس المرأة في بيتها والاعتناء بزوجها وأولادها لأن حياة المرأة الموظفة بصفة عامة لا تخلو من العيوب، فهي كل يوم تخرج للعمل وترجع للمنزل مجهدة ومرهقة وتقوم بالأعمال المنزلية وهي في قمة تعبها، وهذا ما يجعلها لا تستطيع خلق وقت لنفسها من أجل الترفيه والراحة، لأنها تعمل داخل المنزل وخارج المنزل أيضا.
بدون الاستثناءات التي ترتبط دائماً بالقواعد العامة؛ فإن البيت هو المكان الطبيعي لعمل المرأة وهو الأصل، وأما عملها خارج بيتها بقصد مشروع ولمصلحة معتبرة شرعاً فهو مجرد استثناء لا غير.